طرق التحنيط ومراحلها


طرق التحنيط 
كانت أقدم وسيلة للتخلص من جثث الموتى فى مصر دفنها فى الارض , ويرجع تاريخ إستعمال هذة الوسيلة إلى العصر النيوليثى , الياليوليثى, وعصر ما قبل الأسرات كانت الجثث تدفن فى قبور , وكانت تلف عادة فى جلود الحيوانات أو فى بعض طيات الكتان , ولكن الحال قد تغير فى عصر بدء الأسرات إذ تطورت المقابر الملكية ومقابر الأغنياء , ودلاً من الغطاء الفضفاض الذى كان يوضع سابقاً على الجثة ، أصبحت تلف لفاً محكما بلفائف تليها لفائف أخرى للجسم كلة دفعة واحدة . والأمثلة على هذا معروفة وواضحة فى الأسرات الأولى والثانية والثالثة على التوالى.

إتخذت وسائل أخرى على إعتقاد أن لف الجثة تزيد من المحافظة عليها , وهى تشمل وضع الجثة أولاً فى التابوت الخشبى , ثم بعد ذلك تابوت آخر من الخشب أو من الحجر , وهكذا حتى بلغ أقصى حد لذلك من مقابر ملوك الدولة الحديثة , كما هو ممثل فى مقبرة توت عنخ آمون , حيث وجدت مومياء الملك ملفوفة فى 16 طية من اللفائف الكتانية وموضوعة داخل ثلاث توابيت على شكل مومياء وكل ذلك من وسائل الوقاية التى كانت من العوامل التى تطيل فى المدة اللازمة لجفاف الجثة وتقلل درجة حفظها.

ولما كانت العقيدة الدينية الخاصة بالحياة الأخرى تتطلب وقتها بقاء الجسم إلى الأبد ، فقد أصبح من الضرورى علاج الجثة بطريقة ما لحفظها , وقد إستخدمت بالفعل العملية المعروفة بالتبصير أو التحنيط.

ولما كان قدماء المصريين يعتقدون أن الروح التى تركت الجسد عند الوفاة ستعود وتتحد بة ثانية , فقد كان من الأهمية المحافظة على الجثة.

وكان أول دليل على ممارسة التحنيط فى أوائل الأسرة الرابعة , إذ وجد من ذلك العصر صندوق أحشاء الملكة حتب حرس (والدة الملك خوفو بانى الهرم الأكبر بالجيزة) وقد ظل المصريون يمارسون عملية التحنيط منذ عهد تلك الأسرة إلى اوائل العصر المسيحى عرفنا ذلك من وجود مومياوات محنطة تعود للعصر المسيحى ومنها ما كان يوضع امام الوجه لوحات مرسوم عليها بورتريه لصاحب المومياء مما عرف لاحقاً بإسم بورتريهات الفيوم لأنه تم العثور عليها فى الفيوم .
ولقد كان التحنيط لمدة طويلة من بعد إبتداء ممارستة كان مقصورا على الملوك والعائلة المالكة والأشراف والكهنة وكبار الموظفين والطبقات الغنية , ولم يعمم إستعمالة إلا يعد ذلك بزمن طويل حين صار الموتى من الطبقات الفقيرة أيضاً يحنطون.

الطرق العلمية الوحيدة التى يمكن بها حفظ الجسد دائما وهى:
1- الحفظ بالتبريد , ولم يعرف المصريون القدماء هذة الطريقة.
 2- حقن سائل مطهر و قاتل للميكروبات "مثل الفورمالين" فى أوعية الجسم الدموية فينتشر ببطء فى كل الانسجة و يحفظها ,ولم تكن هذه الطريقة معروفة أيضاً.
 3- يجفف الجسم تجفيف تاما ثم حفظه بعد ذلك جافاً , وهذا هو ما فعله قدماء المصريين . ولهذا كانت عملية تجفيف الجسم أولى الخطوات فى مراحل التحنيط.

عرف المصرى أن جسم الإنسان يحتوى على الماء بنسبة 75% من وزنة , وقد كانت هناك طريقتان للتخلص من الماء , الطريقة الأولى تكون بالحرارة ، وهى إما تكون حرارة طبيعية مستمدة من آشعة الشمس أو صناعية مستمدة من النار , والطريقة الثانية تكون بعامل مجفف يمكنه تجريد الجسم من المياه ، ولكن عملية تعريض الجسم  لأشعة الشمس أو الآشعة الصناعية المستمدة من النار و هى تكون عملية بطيئة جداً فى مصر العليا وتكون أكثر بطئاً فى مصر السفلى ، ولهذا لم يمكن تطبيق هذة العملية على نطاق واسع.

كان يُستخدم النطرون على شكل محلول ، أى كحمام يتم نقع الجثة فيه ولكن ذكر "هيرودوت" بوصفة فى عملية التحنيط وهى :
الطريقة الأولى : كانوا ينقعون الجثة فى محلول النطرون.
الطريقة الثانية : كانوا يضعون الجثة فى أجاج ، والاجاج هو محلول من مركز ملح الطعام.
الطريقة الثالثة : إقتصرت على أنهم قاموا بتمليح الجثة مما يشير إلى إستخدام ملح جاف[1].

يذكر هيرودوت وصفاً لعملية التحنيط , أيضاً جاء فى بردية آبيس وصف لتحنيط العجل آبيس المقدس وبناء على ما ذكره هيرودوت وبردية أبيس أنه استخدمت ثلاث طرق مختلفة للتحنيط وهى:-
- الطريقة الاولى : وهى أغلى الطرق ثمناً , وفيها يستخرج جزء من المخ بطريقة آلية بإستخدام آلة حادة ، ويستخرج الباقى بواسطة العقاقير ، ولكن طبيعتها غير مذكورة ، وتُستخرج محتويات الصدر فيما عدا القلب ، وتُغسل الأحشاء المستخدمة بعرق النخيل ، والتوابل , ثم يُحشى تجويف البطن بالمر والقرفة ومواد عطرية أخرى , ولكن أنواعها غير مذكورة عدا بخور اللبن , وبعد أن يخيط شق التحنيط كانت الجثة تعالج بالنطرون ثم تُغسل وتدثر فى لفائف كتانية , كانت تُلسق بعضها ببعض بالصمغ الراتنجى.
- الطريقة الثانيه : و فيها كانت الجثه تُحقن بزيت الأرز عن طريق الشرج ثم تُعالج بالنطرون.
- الطريقة الثالثه : و هي أرخص الطرق الثلاثة و قد إختارتها الطبقه الفقيره ، و تتضمن غسل
الجثه و الأحشاء بواسطة حقن حقنه شرجية ثم يلي ذلك المعالجه بالنطرون.

وعن وظيفة زيت الأرز فهو نوع من الزيوت إكتشف المصرى القديمة فاعليته وقدرته الفائقة على تفتيت الأنسجة العضلية والدهنية فعندما يتم حقن الجسد بزيت الأرز فإن الأنسجة الداخلية تتهتك و تخرج من الجسم فى صورة سوائل وبطريقة أسهل من تقطيع الجسد و هى أيضاً الطريقة التى أستخدمها المصرى القديم فى إستخراج المخ من عظام الجمجمة دون الحاجة إلى فتحها او شقها فكانت الجمجمة فى بعض الأحيان تحقن بزيت الأرز وبعدها يخرج المخ من الجمجمة فى صورة أنسجة متهتكة و سائلة.

كتبه
محمود إبراهيم


 [1]الفريد لوكاس, المواد والصناعات عند قدماء المصريين ، ترجمه زكي إسكندر، محمد زكريا غنيم  ، ص 445و447.

الصورة فى الأعلى تصور مومياء الملك تحوتمس الثالث أعظم ملوك مصر المحاربين و سادس ملوك الأسرة الثامنة عشر "الدولة الحديثة"

No comments:

أشهر مقالاتنا

PROTECTION : Thanks For Your Support -->